لا أتذكر آخر مرة بكيت على فقدان مريض لي.... لعلها في أواخر أيام الجينيوريتي من ثلاث أعوام مثلآ
لا تستغرب فالتعود يكسبك التبلد.... يصبح الموت بعد فترة مجرد خبر بل وتبدا في البحث عن مبررات لعدم بكائك
انا اتعودت.... أهو استريح
لا أعرف لماذا أبكي على فقدانك أيتها الغريبة التي لم أراكي الا مرة واحدة منذ شهور

ايمان ضحية أخرى من ضحايا الإغتصاب .... في بلد بعيدة عن القاهرة
لماذا أبكي فهي استراحت فعلآ .... من الألم الجسدي على الأقل
....
خايفة أكون مش ببكي عليها .. أبكي على ما كانت تمثله لي
لازلت اتذكر رحلتي اليها.. الطرق الغير ممهدة الخدمات المعدومة و الطيبة الغير مشروطة من أهل قريتها تجاه الغريب
فرغم هول مأساتك يا إيمان فقد شعرت بأمل كبير في الناس بعد زيارتي لك... أمل خفف من حزني على ما أصابك... أمل جعلني أشعر بالذنب تجاهك
أمل من ذلك البيت على الطريق الذي استقبلنا أهله بالترحاب عندما طلبنا دخول دورة المياه
"إدخلوا يامًا ماحنا أكيد هنتعرض لظروف ذي دي"
أمل في تصميمهم أن لا نذهب قبل أن نأكل أو على الأقل نشرب حاجة
أمل في إستقبال أهلك لنا كالفاتحين... نحن الغرباء المتطفلين...
أمل في ذلك البيت العمران بإهله وناسه ... أمل في أبيكي الله يصبره ذلك الرجل الذي يعشقك, الذي ورغم كمده جلب كل مخزون البيت من الطعام ووضعه أمامنا كي نأكله.. طعام نعرف أنه سيضطر أن يجوع هو وأهلك لأيام بعدما قدمه.
أمل في خطيبك الذي دأب على زيارتك وأبى أن يتركك أنت المطلقة المغتصبة المشلولة .. أنتي الي تجمعت بكي كل التابوهات ورغم ذلك أجمع أهل القرية على شرفك ونزاهتك وحبك للبشر والحياة. أنت أول بخته
لازلت أتذكر تلك المحادثة
"يابني البنت تعبانة ولسة قدامها ست شهور علشان نعرف هتخف وهتنفع للجواز ولا لأ"
"مش مهم يا عمي هستناها انشالله ست سنين"
ها هي رحلت الى الأبد وكالعادة بعد أن بدأت في التعافي وبدا أن هناك بصيص من الأمل... كأن لم يكفي على أحبائها ما عانوه من آلام.. أزادهم القدر بألم الفراق!

الضحايا ليسو أرقام.. هم كائن له روح وأحباء وحياة كان يجب أن يعشونها
ربنا يصبر أهلها!