أيام و مازالت ليبيا صامدة رغم كل شيء

لليبيا مكانة في قلبي لأنها البلد الذي ولد به. أطلب منها السماح الآن لأني كنت لا احب محل منشأي. لكن الحق أنه البلد الذي شهد ميلادي و أول ستة سنوات في حياتي

لا أزال أتذكر بيتنا هناك ذا الطابقين و الفراندة الكبيرة التي كانت تحوي المطبخ و الحمام . غرفتي أنا و أختي دولابي الصغير, أمي و هي تيقظني و تقول أنطر الكسل. المربوعة التي كان يستضيف فيها أبي ضيوفه دائمي الزيارة. حفلات الشاي و أعياد الميلاد و افطارات رمضان الكبيرة. جيراننا الفلسطينين عم حمام و ابنه عماد. جارتنا المصرية كثيرة الكلام طنط فوزية و المجنونة طنط عواطف التي بعثت مرة رسالة الى زوجها تخاطبه فيها أكتب اليك بدموع فمي.

جيراننا الليبيين نجاة و ليلى و أخوهم مصباح. رائحة بيتهم المعطرة بالمبكبكة التي كنت أكرها و تحبها امي

البازين. الكسكسي الحار, ساندويتشات الساردين التي كانت أمي تصنعها

ساندويتشات الهريسة الحارة الرائعة التي لم أنسى طعمها و التي لم أستسغ طعمها بعد ذلك لا أعرف هل السبب اختلاف المكان أم شيئ آخر

لكنة أهلك الجميلة. الووركينا و الفرخ و التننة و البرملاطة و الكوكوروشي .

مسراطة ترهونة الشرشارة طرابلس شواطئك الجميلة

أفلام الكارتون فلونا التي كانت امي تشبهني بها و لبنى السريعة و بوكي الذي كنت أتمنى أن أكون مثله

لازلت أتذكر كيف كان أبي يطفئ التلفاز قبل الإفطار و يرفض أن يفهمني السبب و عرفت بعد ذلك أن القذافي يحلو له اعدام معارضيه أو اي أحد لا يحبه ساعة إفطار رمضان و في ميدان عام و كان هذا يعرض مباشرة على التلفاز

ياه ليبيا ذلك البلد الذي عذب و أهين

ليبيا الصابرين على شطحات قائدهم المختل

يااه أشياء كثيرة حتى اني كنت أعتقد أن نموي قد توقف عند هذي المرحلة

يا من شهدتي الكثير من أحلى ذكريات حياتي و أسواءها على الإطلاق

كأن ذاكرتي توقفت عند هذة المرحلة ثم دخلت في هوة سحيقة لأني لم أعد بعد ذلك اخزن أي من ذكرياتي حتى وقت قريب

سامحيني بلدي الثاني فلقد لمتك على أحداث لم يكن لك ذنب فيها و كرهتك و كرهت ذكرياتك التي لا أتذكر غيرها

الآن و قد انتفض شعبك الطيب المسالم على الذل و الهوان, لا أملك الا أن أتمنى أن تتخلصي من كل القيود و ترجعي حرة هادئة مسالمة مثل أهلك الكرام الطيبين