Ernest Gambart 1859

الساعة 7 صباحآ

خبط و رزع على الباااب
صوت عااالي و مسرسع
إزيـــــــــــــك يا حاااااجة شايفة جيبتلك ايه... فرخة صحيحة و فطير و بيض... كل ده من عندي من الدار حلاوة النونو*
انا على السرير : يادي اليوم الي مش فايت منى جات!!! ألحق أهرب في أي حتة.. أنام نص ساعة بس و بعدين أقوم انزل
7:15
تخبيط على باب غرفتي
صوت مسرسع: دودو.... دودو.. قومي ياللا يا حبيبتي عايزة أنضف قوضك.. دودو دودو قـــــــــــــــــــــــــومي
الله يحرق دودو يا شيخة
حاضر يا منى هقوم
بوم تيش ظراااخ..... غناء زعيق... رغي عابر للغرف مع ماما... هذا هو يوم منى في الإسبوع للتنضيف
اليوم الي كل البيت بيهرب منه... الا ماما فهي تعشق قعدة منى و قهوتها و حكاويها
منى لمن يراها من بعيد يقول في نفسه مين الست المروشة دي؟؟
لكن منى ليست مجرد عاملة نظافة
تبدأ قصة منى منذ 16 عام تقريبآ عندما تزوجت قريبها الأرمل ذو الثلاثون ربيعآ و بنتان في عمر الزهور توفت امهما و لقلب منى الطيب و ظروف فقرها المدقع تزوجت منه
عاشت منى في بيت مستقر لمدة عامان كربة منزل
متستتة و متهننة كما يقولون... حتى وضعت ابن زوجها الوحيد ابراهيم و فرحا به كثيرآ
لكن لأن القدر لا يمهل أحد
توفى زوجها اثر حادثة جرار زراعي مع عربة تابعة للحكومة
توفى زوجها و بعد صراع مع الدولة صُرف لمنى مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويض عن الحادثة
منى بالمناسبة غير متعلمة ولا تملك أي مصدر دخل من أي نوع
منى لم تصرف النقود القليلة التي أعتطها لها الدولة نظير فقدان شريك العمر و العائل الوحيد
اشترت منى الغرفة الإيجار التي كانت تسكن بها و قيراط من الأرض
و قررت البحث عن العمل.
لترعى نفسها و ابنها و بنات زوجها الاتي لم يكن لهن مأوى بعد وفاة أبويهم
سرحت كما يقولون تلم المحاصيل
ثم عملت في المصانع
حتى نصحتها زميلتها في العمل.... لماذا لا تخدمين في البيوت و أنتي صحتك جيدة و نشيطة....في البداية رفضت لكنها رضخت لمتطلبات الحياة الصعبة
منى تستيقظ الساعة الرابعة فجرآ تركب 4مواصلات على الأقل لتنقلها من بلدتها في الشرقية حتى القاهرة
حاملة ابنها الرضيع على كتفيها تعمل في البيوت حتى ترجع قريتها قبل المغرب تطمئن على بنتيها ثم تكنس الدار و تطبخ و تنام لتعيد الكره
منى لم تقول لأحد في البلد أنها تعمل خادمة في البيوت حتى تحافظ على سمعة ابنتيها في مجتمع سطحي منغلق متخلف
منى لا تتاجر بكفاحها ولا حبها للخير فهي لم تذكر لأحد قصة ابنتيها
"أتذكر اننا عرفنا بالصدفة بعد حوالي 3سنوات من معرفتنا بها بعدما سألتها أمي انتي صغيرة قوي على انك تجيبي كل العيال دي ده غير انك قولتيلي انك متجوزة متأخر اذاي دول بناتك؟
ردت منى و بكل بساطة: دول ولاد جوزي يا حجة يعني ولادي أسيبهم؟" و لم تتحدث مرة أخرى في الموضوع
بنت منى الكبيرة تخرجت من آداب الأزهر و تزوجت و الأخرى في أصول دين و مخطوبة
ابنها في اعدادي
منى هدمت الغرفة و بنيت بيت صغير دورين و تربي على السطح طيور تبيعها و تهديها لزبائنها المفضلين أحيانآ فمنى تعرف كيف تجامل و تهادي
منى شخص يحترم الآخرين لكنها لا تسمح لأحد أن يهين كرامتها
أتذكر انها منذ ثلاث سنوات تحد أحد أقرباءنا لإبنها بطريقة دونيه نتج عنها أن تركت العمل وقطعت عيشها من أربع بيوت فقط لأن أحدهم قال كلمة جرحت ابنها
أتذكر ان أمي رجتها كثيرأ ان تعد لكنها فقالت
احنا فقرا يا مدام بس ولاد ناس
منذ ستة شهور و بعد ان فشلت امي في ايجاد شغالة تعوض نصف منى
اتصلت بها أمي مرة ثانية و لم تكسف منى امي فهي تحبها كثيرآ
جاءت لنا منى و معها طفلة رضيعة
معلش يا حاجة انا هشتغل في البيت و انتي تلاعبيها
مين دي يا منى؟؟
دي زينة بنت أختي الله يرحمها ماتت و سابت البنت دي و واحدة كمان بس كبيرة سايباها في الدار
فين أبوهم يا منى؟؟
في العريش بيبعتلنا فلوس بحوشهم للعيال و ربنا يقدرني
انت ناقصة يا منى؟؟؟؟
يوه يا حاجة؟ أرمي لحمي يعني... و بعدين مانتي شايفة بنات ذي القمر أهم... دانا حاجزة واحدة فيهم لإبراهيم ابني....
تمت..

*كل الحاجات دي و محشي كمان هدية علشان اختي خلفت